الجمعة، 21 سبتمبر 2012

تخريج الحديث ودرجته وكلام أهل العلم فيه " إن أبي أخذ مالي

جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أبي أخذ مالي
فقال النبي صلى الله عليه وسلم اذهب فأتني بأبيك فنزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال
إن الله عز وجل يقرئك السلام ويقول لك إذا جاءك الشيخ فسله عن شيء قاله في نفسه ما سمعته أذناه
فلما جاء الشيخ قال له النبي صلى الله عليه وسلم ما بال ابنك يشكوك أتريد أن تأخذ ماله فقال سله يا رسول الله
هل أنفقته إلا على إحدى عماته أو خالاته أو على نفسي فقال النبي صلى الله عليه وسلم
إيه دعنا من هذا أخبرني عن شيء قلته في نفسك ما سمعته أذناك فقال الشيخ
والله يا رسول الله ما يزال الله يزيدنا بك يقينا لقد قلت شيئا في نفسي ما سمعته أذناي فقال قل وأنا أسمع قال قلت :
غدوتك مولودا ومنتك يافعا تعل بما أجني عليك وتنهل – إذا ليلة ضافتك بالسقم لم أبت لسقمك إلا ساهرا أتململ
كأني أنا المطروق دونك بالذي طرقت به دوني فعيني تهمل – تخاف الردى نفسي عليك وإنها لتعلم أن الموت وقت مؤجل
فلما بلغت السن والغاية التي إليها مدى ما كنت فيك تؤمل – جعلت جزائي غلظة وفظاظة كأنك أنت المنعم المتفضل
فليتك إذ لم ترع حق أبوتي فعلت كما الجار المجاور يفعل – تراه معدا للخلاف كأنه برد على أهل الصواب موكل
قال فحينئذ أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بتلابيب ابنه فقال أنت ومالك لأبيك
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 4/158
خلاصة حكم المحدث: منكر

(تخريج الحديث ودرجته وكلام أهل العلم فيه) :


أخرجه الطبراني في المعجم الصغير (2/62-63) والمعجم الأوسط (6/339-340)

والبيهقي في دلائل النبوة (6/304-305) من طريق أبي سلمة عبيد بن خلصة

حدثنا عبد الله بن نافع المدني عن المنكدر بن محمدعن أبيه

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال :

جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم .. الحديث .

قلت : هذا حديث ضعيف منكر بهذا التمام ، فيه :

1. المنكدر بن محمد بن المنكدر : ليّن الحديث كثير الخطأ
لم يكن بالحافظ بحديث أبيه ، فكان يأتي بالشيء الذي لا أصل له
عن أبيه توهماً ، وهذا الحديث كما هو ظاهر من حديثه عن أبيه .

2. أبو سلمة عبيد بن خلصة : مجهول لا يُعرف .

لذلك نص جماعة من أهل العلم على نكارة هذا الحديث وضعفه :

1. قال الإمام الطبراني بعد رواية الحديث :
(لم يرو هذا الحديث بهذا اللفظ والشعر عن المنكدر بن محمد بن المنكدر
إلا عبد الله بن نافع ، تفرد به عبيد بن خلصة)ا.هـ وهو يشير إلى ضعفه .

2. بوّب الإمام البيهقي في دلائل النبوة لهذا الحديث فقال :
(باب ما جاء في إخباره من قال في نفسه شعراً في الشكاية
عن ولده بذلك إن صحّت الرواية)ا.هـ وهو يشير إلى ضعفه .

3. قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (4/155) :
(رواه الطبراني في الصغير والأوسط ، وفيه من لم أعرفه
والمنكدر بن محمد ضعيف وقد وثقه أحمد ، والحديث بهذا التمام منكر)ا.هـ

4.قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في إتحاف المهرة (3/563) :
(أخرجه البيهقي في الدلائل من طريق المنكدر بن محمد بن المنكدر
عن أبيه ، وذكر فيه قصة طويلة في سبب هذا الحديث فيها الشعر والمنكدر ضعفوه
من قبل حفظه ، وهو في الأصل صدوق ، وفي السند إليه من لا يعرف)ا.هـ

5. قال الحافظ السخاوي في المقاصد الحسنة (ص 101) :
(المنكدر ضعفوه من قبل حفظه، وهو في الأصل صدوق
لكن في السند إليه من لا يعرف)ا.هـ

6. قال العلامة ابن حجر الهيتمي في الزواجر عن اقتراف الكبائر (2/68) :
(والبيهقي في الدلائل والطبراني في الأوسط والصغير
بسند فيه من لا يعرف عن جابر)ا.هـ فذكر هذا الحديث .

7.قال العلامة العجلوني في كشف الخفاء (1/207-209) :
(عند البيهقي في الدلائل والطبراني في الأوسط والصغير
بسند فيه المكندر ضعفوه عن جابر)ا.هـ فذكر هذا الحديث .

8. قال العلامة الألوسي في روح المعاني (15/58) :
(روى البيهقي في الدلائل والطبراني في الأوسط والصغير
بسند فيه من لا يعرف عن جابر)ا.هـ فذكر هذا الحديث .

9. قال محدث العصر الألباني في إرواء الغليل (3/325) :
(لم أجد من ترجمه-يعني عبيد بن خلصة-
والمنكدر بن محمد بن المنكدر لين الحديث كما قال في التقريب)ا.هـ

قلت : قد ذكر الزمخشري في الكشاف (3/509-510) هذا الحديث بلفظ :
(وشكا رجل إلى رسول الله أباه وأنه يأخذ ماله فدعا به فإذا شيخ
يتوكأ على عصا فسأله فقال‏:‏ إنه كان ضعيفاً وأنا قوي وفقيراً وأنا غني
فكنت لا أمنعه شيئاً من مالي واليوم أنا ضعيف وهو قوي وأنا فقير
وهو غني ويبخل علي بماله فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال‏:
‏ "ما من حجر ولا مدر يسمع هذا إلا بكى" ثم قال للولد‏:‏
"أنت ومالك لأبيك أنت ومالك لأبيك‏")ا.هـ

قال الحافظ السخاوي في المقاصد الحسنة (ص 101) :
(وهو عند الزمخشري في الإسراء من كشافه بلفظ:
-فذكر اللفظ السابق-، وقال مخرجه –يعني الحافظ الزيلعي- :
"لم أجده" ، فقال شيخنا : "أخرجه" ، وبيض ، "في معجم الصحابة
من طريق" ، وبيض ، قلت: وكأنه رام ذكر الذي قبله)ا.هـ

فائدة [1] :

روى الإمام ابن ماجه في سننه (2291) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما
أن رجلاً قال : "يا رسول الله ! إن لي مالاً وولداً وإن أبي يريد أن يجتاح مالي"
فقال : (أنت ومالك لأبيك) . وصحح هذا الحديث جماعة من الأئمة
كابن القطان وابن الملقن والبوصيري والألباني رحمهم الله تعالى .

هذا هو الجزء الثابت من الحديث

أما القصة الطويلة في سبب هذا الحديث والشعر

فضعيفة منكرة كما سبق تفصيله .

فائدة [2] :

نسب غير واحد من الأدباء والعلماء هذه القصيدة إلى الشاعر الجاهلي
أمية بن أبي الصلت لما عتب على ابن له ، حتى روى ذلك ابن أبي الدنيا
في (النفقة على العيال برقم : 151) ، ولم يذكروا أنه ألقاها في حضرة
النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، مع أن أمية أدرك عصر النبوة
لكنه لم يسلم بل مات كافراً ، فلو صحّ أنها قيلت عند رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم لتوفرت الدواعي على نقلها جملةً وتفصيلاً
لا سيما والنبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يستحسن شعر أمية
ويستزيد من إنشاده كما في صحيح الإمام مسلم (2255) لما فيه من الإقرار
بالوحدانية والبعث ، لكنها لم تُنقل مما يدلّ على أن قصة إلقاءه
لها أمام نبينا محمد عليه الصلاة والسلام مما لا أصل لها .

====================

والخلاصة

أن هذه القصة ضعيفة مُنكرة

لا تثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

هذا والله تعالى أعلم .
 
 

هناك تعليق واحد: