الأحد، 16 سبتمبر 2012

حديث ( مَن استغفر للمؤمنين كتب له بكل مؤمن حسنة )


حديث ( مَن استغفر للمؤمنين كتب له بكل مؤمن حسنة )


جاء في الحديث ( مَن استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب له بكل مؤمن حسنة )


ما المقصود بالحديث ؟ وهل هو على ظاهره ؟


الحمد لله


أولا :

لم يصح حديث في تعيين فضل معين للاستغفار للمؤمنين والمؤمنات

وما ورد في ذلك لا يثبت ، وفي أسانيدها ضعف وفي متونها نكارة

إذ فيها مبالغة في الأجر لا تتناسب مع العمل ، وهذه هي الأحاديث

الواردة في ذلك :


1- عن عبادة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة )

رواه الطبراني في "مسند الشاميين" (3/234) من طريق بكر بن خنيس

عن عتبة بن حميد عن عيسى بن سنان عن يعلى بن شداد بن أوس

عن عبادة بن الصامت .

وعيسى بن سنان :ضعفه أحمد وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي


وابن معين في رواية . انظر "تهذيب التهذيب" (8/212)

وعتبة بن حميد : قال فيه أحمد : ضعيف ليس بالقوي .

وقال أبو حاتم : صالح الحديث .

وأما بكر بن خنيس فأكثر كلمة المحدثين على تضعيفه ونكارة حديثه .

انظر "تهذيب التهذيب" (1/428)

فلا وجه لقول الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/210) : إسناده جيد .

وعليه اعتمد الشيخ الألباني في تحسينه في "صحيح الجامع" (6026)

لأنه لم يطلع على سنده في "مسند الشاميين" إذ لم يكن قد طبع بعد .


2- عن أم سلمة رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( من قال كل يوم اللهم اغفر لى وللمؤمنين والمؤمنات
ألحق به من كل مؤمن حسنة )

رواه الطبراني في الكبير(23/370) وفي إسناده أبو أمية

إسماعيل بن يعلى الثقفي ، جاء في ترجمته في "ميزان الاعتدال" (1/255)

: " قال يحيى : ضعيف ، ليس حديثه بشيء ، وقال مرة : متروك الحديث .

وقال النسائي والدارقطني: متروك . وقد مشاه شعبة ،

وقال : اكتبوا عنه فإنه شريف .

وقال البخاري : سكتوا عنه .

وذكره ابن عدى وساق له بضعة عشر حديثا معروفة

لكنها منكرة الاسناد " انتهى .

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/210) :

" فيه أبو أمية بن يعلى وهو ضعيف " انتهى .








3- عن أنس رضي الله عنه ، جاء عنه من طريقين :

- من طريق عمر بن عبيد الطنافسي عن شعيب بن كيسان عن أنس
عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ : ( من استغفر للمؤمنين والمؤمنات
رد الله عز و جل عليه من آدم فما دونه ).

رواه البخاري في "التاريخ الكبير" (4/219) والعقيلي في "الضعفاء"

(2/182) وابن بشران في "الأمالي" (برقم/244) وغيرهم .

قلت : فيه علتان : الأولى : ضعف شعيب بن كيسان ، والثاني :

الانقطاع بينه وبين أنس ، فقد قال البخاري عقب إخراجه له :

" لا يعرف له سماع من أنس ، ولا يتابع عليه "

لذلك ذكره الذهبي في "ميزان الاعتدال" (2/277) في منكراته

وقال العراقي في "تخريج الإحياء" (1/ 321) : وسنده ضعيف .

وقال الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (5976) : " منكر " انتهى .

- من طريق معمر عن أبان عن أنس مرفوعا بلفظ :
( ما من عبد يدعو للمؤمنين والمؤمنات إلا رد الله عليه عن كل مؤمن
ومؤمنة مضى أو هو كائن إلى يوم القيامة بمثل ما دعا به )

رواه عبد الرزاق في "المصنف" (2/217)

قلت : وأبان الذي يروي عنه معمر بن راشد هو ابن أبي عياش

اتفقت كلمة المحدثين على تضعيفه وتركه . انظر "تهذيب التهذيب" (1/99)



4- عن أبى الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :

(من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كل يوم سبعا وعشرين مرة أو خمسا



وعشرين مرة أحد العددين كان من الذين يستجاب لهم ويرزق بهم أهل الأرض )



قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/210) :

" رواه الطبراني وفيه عثمان بن أبى العاتكة ، وقال فيه حدثت عن أم الدرداء ،

وعثمان هذا وثقه غير واحد وضعفه الجمهور ، وبقية رجاله المسمين ثقات " انتهى .








5- عن أبى هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( من لم يكن عنده مال يتصدق به فليستغفر للمؤمنين والمؤمنات فانها صدقة )

رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (3/128) قال الهيثمي في "مجمع

الزوائد" (10/210) : " فيه من لم أعرفهم " انتهى .



6- عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :

( أيما رجل مسلم لم يكن عنده صدقة فليقل في دعائه : اللهم صل على

محمد عبدك ورسولك ، وصل على المؤمنين والمؤمنات والمسلمين

والمسلمات ، فإنها زكاة)

رواه ابن حبان (3/185) في صحيحه ، وإسناده ضعيف ؛ لأنه من

رواية دراج عن أبي الهيثم ، وقد ضعفها أحمد وأبو داود وغيرهما

انظر "تهذيب التهذيب" (3/209)



ثانيا :

الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات من دعاء الرسل والأنبياء الكرام

فقد دعا به نوح عليه السلام :
( رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) نوح/28

ودعا به إبراهيم عليه السلام فقال :
( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ) إبراهيم/41

وأمر الله سبحانه وتعالى نبيه أن يدعو به فقال :
(فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) محمد/19

وحكاه الله عن المؤمنين الصادقين المخلصين فقال :
( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ
وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) الحشر/10

فيستحب لجميع المسلمين الدعاء بالمغفر لإخوانهم المسلمين




الأحياء منهم والميتين ، ولا شك أن الملائكة ستؤمن على دعائه وسيأتيه


مثل ما دعا به

.


روى عبد الرزاق في "المصنف" (2/217) :

" عن ابن جريج قال : قلتُ لعطاء : أَستَغفرُ للمؤمنين والمؤمنات ؟

قال : نعم ، قد أُمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم بذلك ، فإنَّ ذلك الواجبَ

على الناس ، قال الله لنبيِّه صلى الله عليه وسلم :

( اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ )

قلتُ : أفتدع ذلك في المكتوبة أبداً ؟ قال : لا .

قلت : فبِمَن تبدأ ، بنفسك أم بالمؤمنين ؟

قال : بل بنفسي ، كما قال الله :


( وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ )

" انتهى . يقول ابن القيم في "مفتاح دار السعادة" (1/298-299) :

" والجميعُ مشتركون في الحاجة بل في الضرورة إلى مغفرةِ الله وعفوِه


ورحمتِه ، فكما يُحبُّ - أي المسلم - أن يَستغفرَ له أخوه المسلمُ ، كذلك


هو أيضاً ينبغي أن يستغفرَ لأخيه المسلم




، فيصير هِجِّيراه :


ربِّ اغفرلي ولوالديَّ وللمسلمين والمسلمات وللمؤمنين والمؤمنات

وقد كان بعضُ الف3لف يستحبُّ لكلِّ أحدٍ أن يُداوم على هذا الدعاء

كلَّ يوم سبعين مرَّة ، فيجعل له منه وِرداً لا يُخلُّ به .

وسمعتُ شيخَنا - أي ابن تيمية – يذكرُه ، وذكر فيه فضلاً عظيماً لا أحفظه

، وربَّما كان مِن جملة أوراده التي لا يُخلُّ بها ، وسمعتُه يقول : إنَّ جعلَه

بين السجدتين جائزٌ ، فإذا شهدَ العبدُ أنَّ إخوانه مصابون بمثل ما أُصيب به

، محتاجون إلى ما هو محتاجٌ إليه لَم يمتنع من مساعدتهم إلاَّ لفرطِ جهله

بمغفرة الله وفضلِه ، وحقيقٌ بهذاأن لا يُساعَد ، فإنَّ الجزاءَ من جنس

العمل " انتهى .

فتضعيف الأحاديث السابقة هو تضعيف لأن تكون من كلام النبي

صلى الله عليه وسلم ، ولخصوص الأجور المذكورة فيها





وذلك لا يعني عدم استحباب الاستغفار لجميع المسلمين والمسلمات .


والله أعلم .

الإسلام سؤال وجواب

موقع الإسلام سؤال وجواب - حديث ( مَن استغفر للمؤمنين كتب له بكل ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق